في البداية أشكر الاستاذ "وحيد حامد" المؤلف والسينارست المشهور.. (والذي أعجب به شخصيا).. علي قيامه بأحراق "التابوهات" التي أفسدت حياتنا وجعلت من أشارات المرور في شوارع حياتنا الفكرية والثقافية ثابته علي العين الحمراء المضيئة فأصابت بالشلل كل شوارعنا وسيرنا وطرقنا الحياتية والثقافية والفكرية فوقعنا في زحام وخناق الركود والسكون والموت الاعتباري !
أشكره واشكر التليفزيون المصري الذي أتاح لنا بحق أن نري وقائع "مجهولة" وأريد لها أن تكون "مجهولة ومغيبة" عن عيوننا وأفكارنا ..وسواء كانت وقائع المسلسل مع أو ضد أي من الاتجاهات التي حكمت بالقوة والارهاب مسارات حياتنا.. فمن حق الشعب والناس أن يتعاملوا مع تاريخنا "الحقيقي والمغيب" عن عمد.. ليستطيعوا أن يفهموا ويقرأوا الواقع الذي نحياه وكذلك ننظر الي مستقبلنا عن وعي بحقائق التاريخ والاشياء والمنطق !
لقد جازف الاستاذ وحيد حامد بكل تاريخه وراهن بمستقبله وماضيه من أجل هذا المسلسل الصادم لكل عيوبنا وامراضنا الحقيقية !
فالدولة المصرية وكذلك جماعة الآخوان يريدان لصراعهما المستمر منذ عقود طويلة أن يختفي عن الانظار والرؤية ..وتلك أول محاولة فعلية لأشراك الناس والشعوب في هذا الصراع.. بمعني أن تتكون لدي الناس حقيقة وماهيةهذا الامر وهي "جماعة الاخوان المسلمين" التي رفضت بشدة هذا المسلسل ووصل الامر الي قيام سيف الاسلام حسن البنا بتكفير الاستاذ وحيد حامد ..لان الجماعة تريد ان تعيش كعادتها التاريخية في ثوب "الغموض" ولانها تتلاعب بنا وبشعوبنا البريئة بذلك "الغموض " حتي عن أعضائها ( اي والله العظيم ) حتي أعضائها السذج والغلابة والضحايا والابرياء (ان كان هناك أبرياء) لايعلمون عن حقائق جماعتهم ولا اهدافها الحقيقية ولا برامجها المخفية لان الحقيقة داخل جماعة الاخوان مغيبة عن أكثر قياداتها ايضا.. وربما تجد قيادات كبيرة ولا تعلم سر "الكهنوت الاكبر" والطلاسم والتراتيل ( والبروتوكلات ! ) التي تسير عليها الجماعة !..فكل الأسرار تقريبا "مدفونة" الا عند بعض الأفراد القليلين من اتباع التنظيم السري الاخر الذي يحكم بالقبضة الحديدة تنظيم "الاخوان العلني" وأتباع التنظيم الخاص منذ ان نشأ تسلسله علي يد عبدالرحمن السندي وهو يتضخم ذاتيا ويتضخم الشعور بالقوة والثقة لدي اتباعه.. واقرأوا ان شئتم كل مذكرات اعضاء وقيادات التنظيم الخاص مثل احمد عادل كمال وغيره وكلهم أجمعوا علي أن الأمام حسن البنا كان يعلم كل العمليات الخاصة والتي ادت الي أغتيال بعض قيادات الدولة المصرية وحتي عندما دخل الاخوان السجن بعد جمال عبدالناصر استمر النظام الخاص الحديدي يعمل داخل السجن وفي وجود مرشد علني وهو المستشار حسن الهضيبي حتي ان الهضيبي عاجلته المنية في السبعينات قبل أن يحقق أمنيته في القضاء علي النظام الخاص وقياداته من أول مصطفي مشهور والسنانيري وغيرهم ..
حتي أعضاء الاخوان من الضحايا والغلابة لايعرفون معالم التنظيم الذي ينضمون اليه ..فمن متصوف وجد في الجماعة ضالته ومن خطيب وجد فرصة لممارسة هوايته ومن مغمور اجتماعيا و"منسحق" ليس له اي دور اجتماعي او حضوراجتماعي ومن بيئة متدنية فقيرة يجد ضالته في منصب مخترع من تلك المناصب التي تخلق عمدا وخالية من اي مضمون لارضاء المهمشين اجتماعيا ومنهم من وجد الفرصة في ولائم الاخوان وحفلاتهم الفرصة لان يأكل ويشبع ويتعاطي الطعام بنهم لانه يفتقد الفرصة بالخارج لاي تنعم بتلك الانواع من الطعام ...الخ ....
لكن تبقي قدس الاقداس وسر الاسرار في يد عدد قليل منتشرون في تنظيم سري لايعرفه اعضاء الاخوان ولا قيادات الاخوان ولا المرشد نفسه الذي يأتي به التنظيم الخاص كممثل علني "ظهورات" دوبلير ليؤدي فقرة تمثيلية لوسائل الاعلام والصحفيين وهو لايملك اي سلطة حقيقية.. فقط السلطة ..سلطة التنظيم ..كله في يد بضع افراد مختفين من اعضاء النظام الخاص يحركون التنظيم ويقومون بانقلابات تشبه الانقلابات العسكرية في اي وقت لفرض قيادة او مرشد يروه يتصالح مع سلطتهم مثلما حدث في بيعة القبور لفرض مصطفي مشهور وكذلك ماتم بفرض المرشد الحالي من خلال تحرك مفاجيء لاعضاء التنظيم الخاص والذي يحركه محمود عزت !
والمشكله ان طرح تلك القيادات من داخل جماعة الاخوان ولانها تصلح فقط في اداء الادوار القيادية لجماعة الاخوان وهي غير مؤهلة أصلا لأن تكون قيادات خارج تنظيم الاخوان اي في الشارع السياسي المصري ومن ثم فان الخطورة تكمن في ان تفرض جماعة الاخوان تصوراتها وقياداتها المزعومة والتي تم فبركتها "بالمصنع الاخواني" وهي غير مؤهلة طبيعيا ..ولا تتمتع بأي مواهب طبيعية لقيادة الشعب المصري لان اغلبهم يفتقد للحس السياسي العام والحس الاجتماعي العام ولان مصدرهم الاجتماعي من المغمورين والبسطاء في الفكر والثقافة والذكاء والمواهب والمهمشين اجتماعيا وما كان لهم ابدا في مناخ سياسي واجتماعي طبيعي ان يظهروا او يتقلدوا اي منصب حتي ولو كان شعبي او اجتماعي.. فلا يحق لجماعة ان تربي كوادرها في الظلام وتحت الارض وفي الانفاق ان تفرض علينا وعلي الشعب المصري قيادات وزعامات "معلبة تعليبا" خطيرا لا تجيد الا السمع والطاعة والحصول علي المغانم والمكاسب المادية والادبية .
هل أقول مثلا لو قيادة اخوانية حتي ولو في حجم الشيخ حسن البنا بالمقارنة مع "مصطفي النحاس".. مٌن الاقدر علي قيادة مصر سياسيا بكل براعة وحنكة وذكاء ودراية بالاوضاع العالمية؟؟..وقيادة لا تعتمد علي "انبهار ديني" وسطوة دينية عند العامة وعند الجهلاء ولكن تعتمد في ظهورها ونجاحها علي الانتخاب الطبيعي بين اصحاب المواهب في المجتمع المصري وعلي الممارسة السياسية..
حتي ابن تيمية يقول بتقديم الاجدر للمنصب حتي ولو كان غيره اكثر تقي ودينا !
ان الغموض الذي تريد جماعة الاخوان العيش في ظلاله وتختبيء فيه عمدا عن الجميع.. لان الغموض هو سلاح الجماعة البتار أمام من يجهل ماهية الشيء الذي امامه ..ان اقوي الرجال ليتردي خوفا وهلعا عندما يشعر بحراك وصوت خلف ستارة الشباك لأن مصدره غامض ..ولايستطيع أن يحدد ماهو هذا الصوت الخفي؟؟ او الحراك.. هل هو لقاتل او حيوان خطرأو لص.. ولن يستريح الا اذا عرف ورأي هذا الشيء الهلامي وهذا الشيء الغامض الذي اثار الرعب للاطفال وللكبار في المنزل الهاديء ! لن يستريح الناس الا اذا رأوا هذا الغامض الذي يتحرك خلف الستارة! وربما في النهاية يصبح لقطة أو هرة صغيرة وعندها سيستريح الجميع !
ان الجلبة التي يحدثها الاخوان من خلف ستارة "الغموض" التي تحيا فيها هي اللعبة الورقية او الكرتونية أو الفزاعة التي تثير الرعب عند الآخرين !
لذلك كان المسلسل الجريء الفاضح ..ولاول مرة يعرف ويري الناس نشأة الاخوان بأخطاءها السبع.. معٌراة الا من الحقيقة!.. ولن يستهويني ان ينقسم الناس عندما يرون المسلسل ما بين معجب او مهاجم.. لكن الذي يستهويني ان الجماعة صارت كالجسد ( الملط ) و( العريان ) امام الجميع ومحط للنقاش والحوار الخًلاق والنقد والتأييد.. وهذا مانريده لحياتنا الثقافية والسياسية والاجتماعية والفكرية والدينية تحطيم التابوهات ونزع التقديس عن أي زعيم او مناضل او عن احداث التاريخ ونترك عاداتنا الفرعونية في الردم علي التاريخ والماضي ليكون الحاضر فقط هو المقدس وماعداه فهو سيء ونتن !
اشكر كل ابطال المسلسل ومخرجيه وفنانيه واشكر التليفزيون المصري الذي سمح بظهور المسلسل وكذلك الشكر كله للاستاذ وحيد حامد واتمني من جماعة الاخوان ان يتقبلوا كونهم مجموعة من الناس العاديين وليسوا ملائكة ابرار ولا قديسين او يرفضوا قيام احدا من الناس بتمثيل دور حسن البنا لانه لايجوز شرعا ! واذا كان هناك نقد للمسلسل فليردوا باسلوب راق يحترم الآخرين ولا يقدسوا ذاتهم ويعتبروا انفسهم منزهين عن الخطأ بل وهي فرصة لأن يتجرأوا ويتعرضوا لفكر وتجربة الشيخ حسن البنا بالنقد الداخلي وينتقدا داخليا تجاربهم المريرة ليخرجوا منها بالدروس والعبر وينزعوا عن ماضيهم وانفسهم القداسة فهم بشرا مثل اي بشر !
كتبه : محمد امام نويرة





















0 التعليقات
إرسال تعليق