| 0 التعليقات ]

البداية هنا..مع شعب أعتبره مند زمن أكثر شعوب العرب ثقافة وتحضرا ..الشعب التونسي العريق صاحب الحضارة والعلم والثقافة ...
أنطلقت أول ثورة عربية يقوم بها شعب عربي مند ثورة المصريين ضد خورشيد باشا والي مصر الدي عينه الباب العالي العثماني وفرضت مظاهرات المصريين محمد علي كحاكم علي مصر بإرادة المصريين ..لم تحدث ثورة شعبية بعدها أبدا في أي بلد عربي لكنها الإنقلابات العسكرية والتي جاءت بالعسكر ليحكموا بلادهم بعد خروجهم من ثكناتهم ..
والمفارقة العجيبة التي تحضرني شخصيا هي في سبب نهوض شعب مصر وقتها وشعب تونس الآن ..هي في التأثر الإيجابي بالثقافة الفرنسية وليدة الثورة الفرنسية العظيمة ..والتي بثت روح الثورة للشعوب الحية لتقود نفسها وتفرض خياراتها ..ففي الحالة الأولي كانت ثورة المصريين عقب الحملة الفرنسية علي مصر.. وبصرف النظر عن المساويء ..فأن الوجه الآخر للحملة الفرنسية هي اهتمامها بنشر قيم الثقافة والعلم ..فقد جاءت الحملة بعلمائها الي مصر ..ونقلت المطبعة وعلمت المصريين كل ألتقدم العلمي من الآلة والثقافة حتي في رسم اول خريطة لمصر علي يد علماء الحملة والمطبعة واسلوب القضاء الحديث كل دلك في الجانب الأيجابي للحملة أثر علي المصريين ..حتي أنهم بعد رحيل الحملة الفرنسية ومن تأثر المصريين بقيمها لم يرضخوا كالعادة لقرارات الباب العالي السلطاني العثماني في الرضوخ له.. أنما تظاهر المصريين من أجل فرض حقهم هم في الإختيار وفرضوا بالفعل محمد علي ليكون واليا لمصر والدي كان يحمل مشروعا كاملا لنهضة مصر تبناه بعدما رأي هو وجميع المصريين الانتاج الثقافي والعلمي للحضارة الفرنسية والدي أحدث الصدمة العلمية والحضارية ..جعل بعدها محمد علي كل مشروعه أن ينهض بمصر علميا وحضاريا تأثرا بما رآه في اثناء الحملة الفرنسية ..وبالفعل حقق الكثير والكثير مما ليس هناك مجال لدكره هنا ..ونلفت النظر أن الاستعمار الفرنسي غير الاستعمار الانجليزي اهتم بالثقافة والعلم في أي مكان حل فيه بالطبع لن ندكر هنا المساويء فهدا ليس موضوعنا الآن .. لكننا نؤكد أن الشعب التونسي بجامعاته واتصاله بالحضارة الفرنسية كان يطمح دائما للثورة والتمرد ..حتي جاءت الفرصة في الاحداث الحالية والتي انطلقت بعدما قام الشاب التونسي بحرق نفسه احتجاجا علي الأوضاع المعيشية لتكون سببا في استخراج كل المخزون والرصيد التونسي والدي يمتلكه الشعب التونسي المثقف ..وخرج الجميع من أول الشباب التونسي وحتي أساتدة الجامعات ونقابات العمال ..ولن أنسي مشهد الدكتور الجامعي التونسي والدي يحمل الجنسية الفرنسية وهو ملقي علي الاسفلت ينزف الدم بعدما تم اطلاق الرصاص عليه من الشرطة وغادر حياتنا شهيدا ..
دماء التونسيين الاحرار كانت وقود أول معركة شعبية علي مستوي الدول العربية تخرج لتغير أوضاعها بنفسها لتصنع بدلك أول محاولة ناجحة وأن كانت تأخرت بعض الشيء علي مستوي عموم الشعوب العربية بعد سقوط سور برلين في 1989 واشتعلت بعدها الثورات بكل الألوان في كل شعوب اوروبا الشرقية وبالدات في بولندا حيث سقط تشاشيسكوا أسوأ ديكتاتور في التاريخ وظن بعدها العالم أن الشعوب العربية استكانت لأوضاعها واستسلمت لثقافة الأستبداد التي تعيش في ربوعها مند مئات السنين حتي ظن العالم الثقافي والسياسي أن ثقافة الاستبداد هي منهج عربي بالأساس وأن المشكة ليست في الحكام ولكن في الشعوب التي تعشق نمادج الديكتاتوريات وترضي بل وتعشق حكمهم مثل صدام حسين وعبدالناصروالقذافي وأخيرا بن علي ..حتي ظن الجميع أن الشعوب العربية لن تتغير ولن تغير ثقافة تعشقها تاريخيا وتنتج من باطنها حركات دينية وسياسية تمتزج بروح الاستبداد والظلم هي رد فعل طبيعي وانتاج من التربة الثقافية والسياسية والتي تموج فيها وتعيش كل شعوب منطقتنا .
حتي فاجئت ثورة الشعب التونسي الجميع وسط صدمة ودهول حكام العرب وحتي حكام الغرب كانوا في صدمة لانهم لم يتوقعوا أن تتمرد الشعوب العربية بهدا الشكل الدي لم يألفوه أبدا من العرب والدي طال حتي الدول الأفريقية المتخلفة الا نحن العرب عاشقوا الاستبداد في حياتنا من أول الأسرة وحتي نظم الحكم .
وهناك ملاحظات متعددة ..واسئلة مشروعة هل ستنتقل الثورة التونسية الي جيران تونس والي الدول العربية الأخري طبقا لنظرية ( الدومينو ) المعروفة ؟؟
وهل سيعود الوضع في تونس بعد تلك الثورة الي الوضع االسياسي والثقافي الدي نألفه ويستريح مرة أخري الي نموذج ديكتاتوري بديل يشبه نظام بن علي ليؤكد مقولة أن المشكلة هي في الشعوب التي تطرح من باطنها نموذج حكمها والدي هو من تجليات ثقافتها الخاصة والتي تألف الاستبداد والديكتاتورية بما يعني أن المشكلة تكمن في الشعوب العربية وليست في الحكام ؟؟؟!!
مثلما حدث في إيران تمردت علي حكم الشاه الديكتاتوري لتركن في الوقت نفسه الي دكتاتورية من نوع آخر هي أشد ..لانها مغلفة بحماية دينية يعاني منها الآن الشعب الإيراني أكثر من معاناته أيام الشاه وأدا كانت قد انتهت ايران من فظائع  السافاك فقد استسلمت الي من هو أشد وهو الحرس الثوري الايراني والدي من الاسف يصبغ علي قتله وسجنه المعارضين من الشباب الايراني وحتي من آيات الله من قادة الثورة من المنتقدين للدكتاتور خامئني واحمدي نجاد لم يتورع الموالون للحرس الثوري من اتهام هؤلاء المعارضين بأنهم محاربون لله ورسوله وخارجين علي الدين الاسلامي لانهم ينتقدون مسلك وتزوير الانتخابات التي زورت لصالح احمدي نجاد وبمباركة من الديكتاتور خامئني ؟؟!!
الملاحظة الثانية أن ثورة التونسيين بفضل الله تمت في غيبة الجماعات الدينية والاسلامية ومنها حركة النهضة وبعيدا عن أي ايدلوجيا أخري لتؤكد سقوط الايدلوجيا وكل الاتجاهات المؤدلجة من اول الاسلاميين وحتي الاتجاهات الاخري كل دلك سقط لصالح التكنولوجيا ومنتجاتها الآن التي كانت السبب في معرفة العالم بمايحدث في تونس بفضل اجهزة المحمول وتصويرها والفيس بوك وتويتر واليوتيوب واصبح الان من المستحيل علي أي نظام ديكتاتوري سجن شعبه وحبسه وتجهيل العالم بما يحدث داخل السجن الكبير الدي وضع الوطن كله فيه كما كان يحدث سابقا ...وأن وسائل الاتصالات الحديثة ومنتجات التكنولوجيا والتي جعلت العالم كله في حالة حوار كقرية صغيرة بل وشارع واحد تنتقل فيه المعلومة بسرعة الصاروخ بل واصبح شباب الفيس بوك واليوتيوب معبأ بالثورة والتمرد تأثرا بما يحدث في كل بقاع الدنيا وهدا هو الوضع الافضل لدلك الشباب بدلا من وقوعه في براثن الحركات الدينية والاسلامية والايدلوجية الآخري التي لها اجندتها الخاصة ومصالحها التي تشتبك مع الواقع السياسي وتتحد مع النظم الدكتاتورية في قيم الاستبداد والديكتاتورية ولكن بصيغة دينية ولا تختلف كثيرا في مصالحها مع مصالح النظم الحاكمة بل هي تؤكد نفسها من خلال أرضية مشتركة مع مؤسسات وحكام الدول العربية وأن الحرب المعلنة بينهما هي معركة علي استحقاق السلطة وليس هناك خلاف علي ماهية السلطة فهي في الحالتين منتهي الاستبداد والتفرد والخضوع للحاكم المستبد أو للمرشد الديني والدي لايقبل أي معارضة لقراراته والاخطر فقط بعيدا عن حكام الدول أن المرشد هنا يغلف قراراته بحجج دينية تسبغ علي أي معارض له تهم التكفير والخروج من الملة .
وبالفعل لوكان بن علي دكيا بالقدر الكافي لسمح علي مستوي وحد معين بوجود تيار النهضة الاسلامية والدي ينتهج نفس القالب الإخواني وللعب معه لعبة (توم وجيري) ولكانت النهضة اليوم قد أجهضت محاولات الشباب المثقف التونسي والطبقة المثقفة الغير مؤدلجة واستوعبتها واجهضت حركتها لصالح اجندة خاصة بالحركات الاسلامية تنصب كلها وتصرف جهود الشباب الثائر الي قيم دينية شكلية غير مؤثرة ..لو فعل بن علي دلك وجعل حركة النهضة الاسلامية مسموح لها بالعمل وفق حدود متفق عليها لما حدثت ثورة الشباب التونسي والدي تأثر بقيم الحرية والتعبير عن الدات شباب الفيس بوك بعيدا عن الخضوع للجماعات الدينية التي كانت ستستهلكه في قضايا هامشية وتفرغ طاقته الحيوية في قضايا شكلية بعيد اعن القضايا الحيوية والمهمة كما يحدث في بلاد عربية أخري يتواجد فيها تيارالأخوان والحركات السلفية الاخري والتي تصدر الآن فتاوي تحريم المظاهرات واللجوء  بدلا منهاللاستغفار واطلاق اللحية جلبا لحل مشاكله بتلك الطريقة بعيدا عن التظاهر والتمرد ! وكأن الاسلام الحقيقي الدي لاتعرفه جماعات الاخوان والسلفية لايهتم بقيمة الانسان واعتزازه بحريته وحاجياته وتمرده علي اوضاعه الخاطئة وأدكر قول أحد الصحابة "عجبت لم لايجد قوته أو طعامه لمادا لايخرج علي الناس شاهرا سيفه ؟؟!!"
والان سمعت أن راشد الغنوشي مرشد حركة النهضة قرر أن يعود واحمد الله علي غيابه هو وأفكاره التي اماتت شعب تونس الحي ثلاثون سنة واحسب أن تمرد الشعب التونسي الان هو علي كل نظام بن علي وتوابعه واطروحات عصره التي أخرت التطور الخلاق لأي شعب في العالم والهت تونس والعالم باشتباك علي السلطة بين حركة النهضة والاتجاه الاسلامي سابقا علي قضايا ثانوية لاتقدم وأنما تؤخر التغيير الحقيقي لامال وآمال أي شعب في العالم يسعي اساسا في المقام الاول للحصول علي حريته ولقمة عيشه  بعيدا عن اغراقه في جدل الايدلوجيات والفتاوي البعيدة عن مشكلات الشعب الحقيقية والتي تنحصر في الحصول علي الحرية والعيش الكريم وتلك هي اسمي اهداف الدين الاسلامي العظيم الدي حرر الانسان وجعله يرتقي بانسانيته التي خلقه الله عليها .
اتمني في النهاية أن تستمر معركة الشعب التونسي بدلا من العودة لثقافتنا المريضة والركون الي مستبد آخر وأن تصنع دولة حرة تعلي من قيم الديمقراطية والتعددية والتداول السلمي للسلطة والمحافظة علي تلك القيم التي هي أهم من التمرد والثورة علي مستبد حاكم مثل بن علي لان المعركة الحقيقية هي التمرد علي الاستبداد وثقافته التي تعيش فينا وداخل انفسنا علينا ان نقتل كل مستبد داخل ثقافتنا ونصنع مجتمعا حرا ديمقراطيا يقبل بالحوار وقيم التعايش والتسامح والأقرار بالآخر وتدوال السلطة ..فهل ننجح في تلك المعركة ؟؟!!
كتبه : محمد أمام نويرة

0 التعليقات

إرسال تعليق