قامت الثورات العربية لتنهي تماما ما ساد في المنطقة سابقا من حروب وصراعات اقليمية وحروب داخلية كانت بنظام الوكالة عن الطرف الاصلي ...وهناك امثلة علي ذلك منها :
اولا : الجهاد الافغاني وكل العرب المجاهدين ثم القاعدة وزعيمها الشيخ اسامة بن لادن كل هؤلاء بدأوعملهم برعاية من المخابرات الامريكية والسعودية لمحاربة الاتحاد السوفييتي السابق ثم انتهت الي الصراع مع امريكا ثم بعد ذلك برعاية ايران التي استضافت معظم قيادات وعائلات زعماء القاعدة وتعاونت ايضا ليبيا واليمن وشكلت معارك القاعدة والمجاهدين العرب داخل البنية السياسية للدول الاسلامية فرصة متفق عليها بتعاون مخابراتي لكي تستثمر الانظمة الدكتاتورية في المنطقة حربها الظاهرية مع القاعدة ومع الجماعات الاسلامية الجهادية والسلمية مثل الاخوان في تثبيت دعائم حكمها الدكتاتوري الاستئصالي ولكي تتهرب من استحقاقات التطور الديمقراطي والتي يتم الضغط لانجازها من الغرب ومن الشعوب بالداخل..وهكذا الفاعل الاصلي المختفي يوظف وكيلا له في اثارة المعارك هنا وهناك من اجل أهدافه... ايضا مثل ايران التي رغم تعارضها المذهبي مع القاعدة الا انها تقدم الدعم اللوجستي والرعاية الشخصية للقاعدة من اجل اتفاقها مع القاعدة في الحرب ضد امريكا ..
ثانيا : دور حزب الله يدير حرب بالوكالة عن الفاعل الاصلي ايران ويزج ويرهن حزب الله مصالح الشعب اللبناني والارض اللبنانية ليجعلها جبهة متقدمة لايران لكي تضغط بها علي اسرائيل وامريكا وتتفاوض لانجاز الملف النووي وتثير تلك الجبهة المتقدمة كما حدث في حرب حزيران حربا ضد اسرائيل باستخدام سلاح ايراني يتم تجربته لتعريف امريكا واسرائيل بقدرة ايران التسليحية وايضا لكي تستخدم الجبهة اللبنانية كنقطة اثارة حرب مع اسرائيل في حال تعرضها لهجمة اسرائيلية امريكية تستهدف ايران وبرنامجها النووي ..
ثالثا : تقوم حماس باثارة المعارك والتسبب في حروب تلحقق الضرر بالشعب الفلسطيني ولا تؤثر علي قوة حماس التي تتماهي مع الشعب الفلسطيني واتخاذه كدرع بشري يحمي رجال وقوة حماس اذا ما شنت حرب علي الشعب الفلسطيني وكل تلك المعارك التي تتسبب حماس بها بالوكالة عن الفاعل الاصلي وهي سوريا ومعها ايران لتستخدم حماس كمخلب قط سوري ايراني يثير التوتر والقلق والمعارك واطلاق صواريخ قسام علي اسرائيل كل ذلك لتحقيق مصلحة للفاعل الاصلي السوري الايراني وايضا ورقة تستخدم للتفاوض مع امريكا واسرائيل من جانب سوريا وايران ولكي تعلم امريكا واسرائيل ان الذي يملك حل المشكلة الفلسطينية هو سوريا وايران فلابد من التفاوض معهم لحلها اذا ما ارادت امريكا واسرائيل وهكذا فأن حماس تنقلب علي السلطة الفلسطينية وترفض المصالحة مع فتح لانها تقوم بكل ذلك بالوكالة عن الفاعل الاصلي لتستمر القضية الفلسطينية كمأزق لكل العرب وفرصة تدخل بها ايران للمنطقة وللشعوب العربية التي لا تملك الوعي الكافي وتتأثر بمن يعلن وقوفه مع القضية الفلسطينية ويستمر المأزق والتشرذم الفلسطيني بأوامر من الداعم والوكيل الاصلي ..
وعلي غير توقع من الجميع تأتي الثورات السلمية في مصر وتونس قبلها ثم ليبيا وسوريا لتبدل اوضاع المنطقة رأسا علي عقب وتتبدل الادوار..وتنهي كل حلول الاتجاهات الجهادية من اول القاعدة وحتي السلفية الجهادية والتي بنت منظومتها الجهادية علي حربها المقدسة والمشروعة ضد انظمة الاستبداد فتأتي الثورات السلمية وقد شقت طريقا ثالثا رافضا نهج الطرفين سواء الانظمة الدكتاتورية وسواء تنظيم القاعدة وكل من لحق به وسبقه من جماعات العنف الاسلامي لتنتهج الطريق السلمي للتغيير واضطرت بعض مجموعات القاعدة وتيارات العنف الي الاندماج مع الجماهير في ثورتها السلمية مثلماحدث في اليمن وقد القت بالسلاح وارتضت ان تندمج مع الجماهير في ثورتها السلمية ومع تعرض المتظاهرين للقتل واطلاق الرصاص من جانب السلطة في اليمن مثلا لكن ذلك لم يدفع ببعض مجموعات القاعدة التي اندمجت مع الجماهير لاستخدام السلاح رغم اعتداء السلطة وحتي الجماهير اليمنية والتي تتملك السلاح الشخصي كعرف قبلي في اليمن لم تلجأ لاستخدامه امام قتل المتظاهرين بالسلاح من جانب السلطة لان ما حدث في تونس ومصر والطرح السلمي للمظاهرات فرض نفسه من جانب الاغلبية الصامته رافضة نهج القاعدة والجماعات الاسلامية كما ترفض نهج السلطة.
ان الحقيقة الناصعة الجلية في تلك الثورات السلمية خروجها من جماهير لا تبحث عن لقمة العيش المحرومة منها ولكن تطالب الحرية والكرامة امام تعذيب ممنهج للناس من جانب شرطة وقوات بوليس تلك الانظمة والرقابة الامنية والاعتقال والسجن والتعذيب والتعامل اليومي والاحتقار ضد الناس..
وايضا فان تلك الثورات فاجأت الجميع حتي الاخوان والتيارات السلفية بكل اجنحتها الدعوية والجهادية والقاعدة واوضحت بلا شك ان تلك الثورات السلمية اثبتت والغت مقولة ان البديل المرعب للنظم المستبدة هو استيلاء تلك الجماعات علي الحكم فالاخوان وكل التيارات الاسلامية لم تلحق بتلك الثورات الا بعد أن انطلقت وتخلف دور تلك الجماعات واصبحت ليست سوي فصيل من الفصائل والتي حاولت بعد ذلك ركوب موجة الثورة فمن المؤكد ان دور تلك الجماعات ومنهم الاخوان سيتراجع الي الخلف في المستقبل بسبب ان الاغلبية الصامته الآن تمارس السياسة والتي لاتنتمي لاي اتجاه واصبح الجسم الرئيسي للثورة هو ذلك الشباب اللا منتمي لاي اتجاه ..
انتهت القاعدة وانتهي بن لادن بمجرد ظهور الثورات السلمية وتخلف دورها وبريقها ولم تعد جزءا من المعادلة السياسية في مستقبل المنطقة وانتهي دورها كوكيل عن الطرف الاصلي وبالتالي مجرد اغتيال بن لادن هو اعتراف رسمي من جانب اللاعبين الاصليين لانتهاء دوره في صنع احداث المنطقة
وايضا تحققت المصالحة الفلسطينية بين حماس وفتح لغياب الاطراف الاصيلة في اللعبة السياسية والتي كانوا يستخدمون فتح وحماس كوكلاء عنهم انتهي دور سوريا كما انتهي دور مبارك الراعي الرسمي لفتح فاصبح بالامكان تحقيق المصالحة لان دورهم الاقليمي بالوكالة انتهي تماما من الساحة فصارا يحققان تسوية لعلها تعطيهم بقية من دور في المرحلة القادمة
وايضا عندما يستمر الزخم الذي اعطته الثورات العربية سينتهي دور حزب الله تماما عندما يتحقق التغيير في سوريا وسيخفت الدور الايراني في المنطقة بغياب وكلاؤه بل وحتي ايران علي طريق ثورات الياسمين الديمقراطية ولن تبتعد عن التأثر بها هي وكل الانظمة العربية.
وسينتهي تمام دور الحروب بالوكالة ويظهر الفاعل الرئيسي بنفسه وبأهدافه الحقيقية وستكون هناك شفافية كاملة لكل الجماهير العربية لكل الاطراف فلم يعد يستطيع لاعب رئيسي تزييف وسرقة اوراق اللعب والدفع بوكيل عنه ليقوم باثارة المعارك هنا او هناك لتحقيق مصالحه بل سيظهر بنفسه..
ارهاب القاعدة كان مرتبطا بوجود الانظمة الدكتاتورية وكانوا يعطون املا ما للشباب لمقاومة الحكام المستبدين ولكن انتهي دورها تماما بعد الثورات السلمية..
اسلوب التعبير السلمي هو الذي طرح نفسه بقوة ونجح في احداث تغيير لم تستطع ادوات القتل وجماعات ظلت اكثر من ثمانون سنة تعلن انها تسعي للتغيير حتي اتي الثائرون من غيرهم وبدونهم ليس علي دقات طبول الحرب ولكن علي دقات مفاتيح الكيبورد ..
كتبه : محمد امام نويرة






















0 التعليقات
إرسال تعليق